01 - 09 - 2024

كلام والسلام | لا تساوى .. بصلة !

كلام والسلام | لا تساوى .. بصلة !

ارحموا عزيز قوم ذل ! وزمان .. كانت أمى تأتى آخر نهار كل يوم؛ وتنظر بحسرة لعدة قروش في يدها: تصوروا هذا ما تبقى من الجنيه اليوم؟!

وزمان كمان .. كنا نسمع عن التفاح أمريكانى ولبنانى؛ وكنا نكتفى بمجرد النظر إليه فقط، فقد كان للصفوة فقط وللقطط السمان! 

ورأينا بأم أعيننا الأفلام القديمة؛ والحديث عن الرطل والأوقية وسعر الدولار؛ الذى كان الخمسة منه بجنيه واحد!

واليوم .. أصبح التفاح هو الآخر مهانا بعد أن تخطى سعر البصل سعره! 

وفى سبعينيات القرن الماضى .. خرج الناس إلى الشوارع فى 18 و 19 يناير عام 1977 يهتفون: سيد بيه يا سيد بيه كيلو اللحمة بقى بجنيه !

وسيد بيه.. هو الراحل سيد مرعى رئيس مجلس الشعب فى ذلك الوقت ووزير الزراعة فى عهد عبد الناصر .. ونسيب السادات وموضع ثقته!

وكان كيلو اللحم يباع وقتها بـ68 قرشا فى المجمعات الاستهلاكية، ولكن الناس رأوا فى زيادة سعر اللحم وبعض السلع الاساسية ؛ مسا بهم وبقيمة الجنيه.

وخرج السادات ليقول أنها انتفاضة حرامية ؛ قبل أن يتراجع ويلغى الزيادة ويعيد للجنيه هيبته .. ولو إلى حين.

ومع الأيام والسنين .. ازداد الجنيه مهانة بدعوى: إحنا لسه طالعين من حرب، وبشروط البنك الدولى والصندوق مرة، وبدعوى: انتوا كتير نجيب لكم منين ؟

وبدأت نغمة جديدة تطفو للسطح : استحملوا شوية .. معلهش!

ويبدو أن الناس تعودوا على طريقة عادل إمام .. فى مسرحية شاهد ما شافش حاجة !

فكانوا مع أول كل زيادة فى المرتبات تقررها الحكومة يصيحون: يا خفى الألطاف .. نجنا مما نخاف!

فد كان العرف وقتها (والذى اصبح مع السنين عادة) .. هو رفع الأسعار بأضعاف الزيادة !

يعنى ما تعطيه لك الحكومة باليمين؛ تأخذه منك بالشمال أضعافا مضاعفة.

وكله على حساب صاحب المحل !

وصاحب المحل .. الذى هو أنا وأنت .. لم يعد له سعر؛ فقد غلا كل شئ فى مصر وعز .. إلا هو!

جالسا قانعا متذمرا أحيانا ولكن فى داخله؛ منتظرا علاوة أو زيادة تأتى من هنا وهناك؛ وسط مطالبات وأعباء لاتنتهى ؛ وتتزايد مع مطلع كل يوم.

ومع زيادات فى الفواتير من كهرباء لغاز لمياه لمواصلات لنت منزلى لذهب لدولار لبنزين لـ لـ هلم جرا.

وصاحب المحل .. ينظر إلى داخل محله فيجده قد نقصت بضاعته؛ وأوشكت على النفاد فى انتظار الغوث بفتات يأتى من هنا أو هناك ؛ أو فى انتظار الأجل.. أيهما أقرب!

وصاحب المحل .. يخشى أن يأتى اليوم الذى يبيعون فيه المحل؛ فيجلس يا مولاى كما خلقتنى! وقد يبيعونه هو شخصيا في مرحلة لاحقة. ولكن إيش تاخد الريح من البلاط ؟

فصاحبك الذى هو أنا وأنت ..

لايساوى  بصلة .. بعملة هذه الأيام!
----------------------------
بقلم : خالد حمزة
[email protected]

مقالات اخرى للكاتب

كلام والسلام | بلد أتلفها .. التعريض